الرضا بما قسمه الله سر السعادة

الرضا بقسمة الله سر السعادة

المقدمة

يعد الرضا بما قسمه الله تعالى من أهم أركان السعادة والهناء في الحياة، فهو مفتاح لتجنب الحزن والقلق، وتحقيق الراحة النفسية والاطمئنان في ظل ظروف الحياة المتقلبة. والقناعة بما قسمه الله أساس من أسس الإيمان، حيث تدل على التسليم التام بقضاء الله وقدره، واليقين بأن كل ما يصيب المرء من خير أو شر فهو فيه حكمة بالغة.

رضى الرحمن بالتسليم

إن رضا الرحمن منوط برضى عباده بما قسمه لهم، فمن رضي بقسمه فقد رضي بقضاء الله وقدره، ومن رضي بقضاء الله وقدره فقد رضي بالله رباً، ومن رضي بالله رباً فقد سلم لله تسليماً، ومن سلم لله تسليماً فقد فاز برضوان الله تعالى.

الرضا يحمي من الآفات

يحمي الرضا بما قسمه الله المرء من العديد من الآفات النفسية والاجتماعية، منها:

– الحسد: فإذا رضي المرء بما قسمه الله له، فلن ينظر إلى ما في أيدي الآخرين بحسد أو تباخل، بل سيشكر الله على نعمه ويدعو له بالتوفيق.

– الحقد: يحول الرضا دون تراكم الحقد والضغائن في النفس، فإذا علم المرء أن ما يصيبه مكتوب عليه ومقدر، لن يحمل غلاً أو حقداً على من يظنه سبباً في ذلك.

– الغضب: يقلل الرضا من نوبات الغضب، فإذا علم المرء أن غضبه لن يغير من قدر الله شيئاً، فلن يغضب إلا لله وبدافع الغيرة على دينه وحرماته.

الرضا يفتح أبواب الرزق

للقناعة والرضا أثر بالغ في فتح أبواب الرزق، فمن رضي بما قسمه الله له، دل ذلك على ثقته بربه وإيمانه المطلق بعنايته ولطفه، والأمر كذلك في الدنيا والآخرة.

– الدنيا: يجعل الرضا المرء قانعاً بما لديه، فلا يحرص على الدنيا حرصاً شديداً، بل يسعى إلى الرزق الحلال ويدخر لآخرته، وهذا ما يجعله يكتسب الرزق بسهولة ويسر.

– الآخرة: يعد الرضا بما قسمه الله من أسباب دخول الجنة والفوز بالرضوان الإلهي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يرضى بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً”.

الرضا مفتاح السعادة

الرضا مفتاح السعادة الحقيقية، فمهما بلغ المرء من غنى أو شهرة أو جاه، فلن ينعم بالسعادة إلا إذا رضي بما قسمه الله له. إن السعادة الحقيقية لا تكمن في الحصول على كل ما نريد، بل تكمن في الرضا بما لدينا والامتنان لله على نعمه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما أنعم الله على عبد نعمة في الدنيا أفضل من الرضا بالقضاء”.

كيف نتحلى بالرضا

التحلي بالرضا يحتاج إلى مجاهدة النفس وتدريبها، ومن الطرق التي تعين على ذلك:

– معرفة الله تعالى وأسمائه وصفاته: معرفة الله تعالى ومعرفة عدله وحكمته تجعل المرء يعلم أن ما يصيبه لم يكن ليفوته وما فاته لم يكن ليصيبه، وهذا يدفعه إلى الرضا.

– التفكر في عواقب المقادير: التفكر في عواقب الأمور يجعل المرء يعلم أن الخير فيما قدره الله له، وأن الله تعالى لو أراد به سوءاً لم يرده إليه.

– ذكر الله تعالى: ذكر الله تعالى يطمئن النفس ويجعلها راضية بقضاء الله وقدره، قال الله تعالى: “فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم”.

الرضا في الشدائد

يظهر الرضا الحقيقي في الشدائد والمحن، فالمؤمن حقاً هو من يرضى بقضاء الله وقدره في السراء والضراء، ويحسن الظن بالله في كل الأحوال. قال الله تعالى: “ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون”.

خاتمة

الرضا بما قسمه الله تعالى سر السعادة الحقيقية، وهو مفتاح لتجنب الحزن والقلق والآفات النفسية والاجتماعية. إن الرضا يحمي من الحسد والحقد والغضب، ويفتح أبواب الرزق في الدنيا والآخرة. ومن أهم الطرق التي تعين على التحلي بالرضا هي معرفة الله تعالى والتفكر في عواقب الأمور وذكر الله تعالى. وعندئذ يجد المرء حلاوة الإيمان وراحة النفس وطمأنينة القلب.

أضف تعليق