قصائد الفرزدق في الغزل

قصائد الفرزدق في الغزل

مقدمة

كان الفرزدق الشاعر العربي الأشهر في العصر الأموي، اشتهر بمدائحه وهجائه، إلا أنه أبدع في الغزل أيضًا، فكان صاحب أجمل قصائد الغزل وأكثرها رقة وعذوبة، وصف فيها جمال النساء ومدح خصائلهن وامتدح عواطفه تجاههن.

1. جمال المحبوبة

وصف الفرزدق في قصائده جمال محبوباته بتفاصيل مذهلة، فوصف عيونها بالطهر والصفاء، وبشرتهن بالنعومة والنضارة، وأسنانها بالبياض اللؤلؤي، وشعرها بالسواد الدامس والطول.

أغيد مثل قضيب البان مائسة ووجه مثل شمس الصبح رائقة

ودعج عيون في سواد وأعين وقد نسجت من حولها الحدق الخلق

وثغر إذا ما استن في ليل داج أضاء به الظلماء والحزن والقلق

2. صفات المحبوبة

لم يقتصر الفرزدق على وصف جمال محبوباته، بل مدح أيضًا خصائلهن الحميدة، فوصف طهارة روحهن ورقتهن وحيائهن، وذكائهن وفطنتهن، ووفائهن لحبيبهن.

أبت إلا تماما في خصالها كأنك قد خلقت من المسك والعنبر

فما أطيبها عند المسامرة وكم طيبها عند الملاعبة

فهي درة في جيد مكرمة وخمرة لذيذة في كأس مكرمة

3. عواطف الشاعر

عبّر الفرزدق في قصائده عن عواطفه تجاه محبوباته بحرارة ودقة، فوصف شوقه إليهن وحبه الشديد لهن، وعشقه الجارف الذي يفقده صوابه ويجعله يضحي بكل شيء من أجلهن.

فما لسقيط الدمع من جلدي لوعة وجوى تدمي به جلدي

أحبك حبا لو علمت به لقصرت لي دون العيون مدى

وما هو إلا أن أراك مرة فأنسى الذي ألقى وأنت معي

4. هجر المحبوبة

عانى الفرزدق في بعض قصائده من فراق محبوباته، فوصف آلامه وحزنه العميق، وشكواه من بعدهن وتوقه إلى رؤيتهن مرة أخرى.

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامر

فلو أنها كانت قريبا لقربت ولكنها مني على شقة البعد

فيا ليت أني كنت حيث تظليني ظلالك أو أني لديك على قرب

5. عشق المحبوبة

بلغ عشق الفرزدق لمحبوباته أقصى درجات الحب والعشق، فوصف تعلقه بهن وابتعاده عن الدنيا إلا بهن، ولوعة فراقهن وشوقه الدائم إليهن.

ألا حبذا نجد ومن حل بالحمى فمن أم عمرو أم عتيبة بالحمى

فيا عجبا ما بال طرفك لم يزل يروح إلى نجد ولم تطرق الحمى

لئن كنت قد أصبحت لست بواجد حبيبا فما الدنيا التي أنت عيشها

6. مدح النساء

لم يقتصر الفرزدق على مدح محبوباته، بل مدح النساء عامةً، فوصف جمالهن وعفتهن وطاعتهن لرجالهن، وقدرتهن على رعاية أسرهن وحفظ بيوتهن.

ألا كل شيء ما خلا الإنسان مهلك ونفس الفتى تبقى وإن هلك الجسد

فلو كان للشمس التي في السماء عقل لكان إذا جئتها مثل ما أجد

فلا شيء مثل النساء وذكرها ولا شيء مثل شمولك للبلد

7. مراثي النساء

رثى الفرزدق عددًا من النساء المقربات منه، فوصف حزنه العميق عليهن ومدح خصائلهن الحميدة، ورثاهن بأبيات شعرية مؤثرة.

لقد كنت أحميها من الدهر فلم يتمكن من أميم

فكنت كظبي أسعد سمح المحيا طلق العنان

ولقد بكيت عليها بدموع كالغيث الرهام

الخاتمة

بقصائده الغزلية الخالدة، أثبت الفرزدق أنه ليس مجرد شاعر هجاء ومدح، بل هو أيضًا شاعر غزل متميز، وصف جمال النساء بحرارة ودقة، ومدح خصائلهن الحميدة، وعبر عن عواطفه تجاههن بشوق وعشق كبيرين. وتبقى قصائد الفرزدق الغزلية من أروع قصائد الغزل العربي، وأكثرها تأثيرًا في القارئ العربي حتى اليوم.

أضف تعليق