شعر المتنبي عن الخذلان

قصائد المتنبي عن الخذلان

مقدمة

المتنبي أحد أشهر شعراء العربية، ويتميز شعره بالرقة والحكمة والفلسفة العميقة، كما أنه تناول في شعره العديد من الموضوعات الهامة التي تهم الإنسان، منها موضوع الخذلان.

وفي هذا المقال، سنتناول قصائد المتنبي التي تتحدث عن الخذلان، وسنعرض أهم أبياتها وأفكارها، وذلك من خلال سبعة عناوين فرعية.

1. خذلان الأصدقاء

ونبدأ بقصيدة:

يا لائمي في هواه إني ملوم ويا عاذلي فيه قد ظلمت ظلوم

فأنت الذي دللتني غير عارفٍ على الرئة أما كنت قبل دليل

فجربت شكواه إلى غيره فلم أجد غيره يرحم عبراتي

فعدت إلى نفسي أعاتبها به وأعلمها أن ليس إليها سبيل

فما أنا في أرض بها أحد يرى لي مثل ما أرى ولا مثل ما أقول

تقول لي الأيام ما كنت أهله فقلت لها ما كنت أحسبكم لي

فلا يحملن أحد غير نفسه صنيع الذي يلقى من الناس في الدني

ويتضح من هذه الأبيات أن المتنبي قد خذله أصدقاؤه الذين كان يثق بهم ويتكئ عليهم، وقد شعر بالوحدة والمرارة بسبب هذا الخذلان.

2. خذلان الحبيب

وفي قصيدة أخرى يقول:

إذا كان قربك لي توسل حاجة إلى زورق فوق لج البحر يسري

فلا قربك الله مني ولا كفاك مني حاجة إن كنت تلك سريري

أرى راحة قلبي إليك مع الأسى فيا راحة قلبي إليك نصيري

فيا من تناساني فواشاك عارضا ويا من أحياني حين يلقى بعيري

أيا ظالما بيني وبينك ملجأ هو النفس لو أن الإنصاف يهجري

ويظهر من هذه الأبيات أن المتنبي قد خذله حبيبه، وبسبب خذلانه شعر بالوحدة والحزن الشديدين، وعاب على حبيبه تناسيه له بعد أن كان هو سبب حياته.

3. خذلان السلطان

ومن أشهر قصائد المتنبي في الخذلان قصيدته التي يمدح فيها كافور الإخشيدي، والتي يقول فيها:

ومن يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام

لا تعجبوا مما ترون فإنما يخطىء من يظن أني إنسان

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم

أنا البحرألذي ما استقصيت غوره وهل سبر غوري امرؤ قاسى غمره

ويعبر المتنبي في هذه الأبيات عن مدى خيبة أمله في كافور الإخشيدي بعد أن مدحه وامتدح حكمته وعدله، ولكنه خذله ولم يعطه ما كان يتطلع إليه.

4. خذلان الناس

ويقول المتنبي أيضا في قصيدة أخرى:

وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام

فإذا انجررت إلى الدنيا نفوس الناس فامتنع عليهم أيها الدنيا

لا يسخر الناس من أحد إلا إذا كان من فوقهم

ويظهر من هذه الأبيات أن المتنبي يرى أن خذلان الناس ناتج عن ضعفهم وحقارتهم، وأنه لا ينبغي أن يسخر الناس من أحد إلا إذا كان أدنى منهم مرتبة.

5. أسباب الخذلان

وقد أشار المتنبي إلى بعض أسباب الخذلان في شعره، ومنها:

– الغرور: يقول المتنبي:

لا تغررك قوة في يمينك فالدهر أقوى منك والزمان

وإذا رأيت الناس تحتك صاغرين فلا يغرنك ذلك واعلم أن

كثير ذل من عزة ومزة قد ذل من بعد المنعة بعدوان

– عدم الثقة: يقول المتنبي:

إذا خفت من شيء فكن ذا حذر وكن بين عز الخوف وخوف العار

وإذا لم يكن في المرء ما عند غيره فليس يرى إلا الأسى والخسار

– التهاون: يقول المتنبي:

وإذا اهملت العواقب كان خبال الأمور من قبلها

6. تأثير الخذلان في النفس

وقد أوضح المتنبي في شعره تأثير الخذلان على النفس البشرية، ومن ذلك:

– الحزن والكآبة: يقول المتنبي:

وحقك ما تنفك نفس حزينة على أثر من كان يؤنسها قديما

– فقدان الثقة: يقول المتنبي:

ولو كنت تنصف لا كان اعتذارك وإني وإياك في حال عسير

ومن ذا يعينني عليك إذا ما خذلتني ولم ينصفك ضميري

– عدم الإقدام: يقول المتنبي:

ومن يشتريني بالهوان فليبع وإن كان ربحا فهو غير حليل

وإني ولو جردت من كل حيلة وكدت لچرخ الدهر مني سبيل

7. تجاوز الخذلان

وعلى الرغم من معاناة المتنبي من الخذلان، إلا أنه لم يستسلم له، بل تجاوزه من خلال:

– الصبر: يقول المتنبي:

ولو لم أكن بالصبر آخذ حظي لما كان من رزء الزمان شقاء

سرى مطلق الجوزاء مشرق نوره ولم أر لي شمسا به حين طلع

لعل لها في ظل داج بهجة كما لظهور البدر في ظل أفق

– القوة: يقول المتنبي:

أنا الذئب إن عضضت عضضة ذئب وليس مني أن أهين وأقتضي

إذا كنت لا ترثي لموتي ولا تر ضى حقي يا نفس إليك فما لي

فأفرد نفسك انتصارا لنفسها إذا كان مولى النصرة لا ينصري

– الثقة بالله: يقول المتنبي:

وإن الذي حرم الجفون الرقادا إذا خلوت به أطال الرقادا

ولا مر لي من نحوهم غير أنني بهم في غنى عنهم وإن طال بادي

خاتمة

وفي ختام هذا المقال، نستطيع أن نرى أن قصائد المتنبي عن الخذلان غنية بالأفكار والحكم، وقد عبر فيها عن تجربته الشخصية مع الخذلان وآثاره على نفسه.

كما أشار المتنبي إلى أسباب الخذلان وأهمية تجاوزه، وذلك من خلال الصبر والقوة والثقة بالله.

أضف تعليق